الجمعة، 15 مايو 2009

المحاضرة الثانية عشر

الصحة النفسية للمعلم

إن دور المعلم يأتي علي رأس المنظومة التعليمية ،ووفقا لهذا الدور الحيوي الذي يقوم به المعلم ، من هنا تبدو أهمية اختبارات القبول بكليات التربية في إعداد المعلمين وتأهيله علميا وتربويا ، وتهتم تلك الاختبارات بقياس الكفاءة النفسية والشخصية والجسمية والمعرفية للطلاب الراغبين في الالتحاق بالكليات التربوية ، وتعد الصحة النفسية للطالب من أهم مقومات القبول ، لما تمثله من أهمية في العامل مع التلاميذ في إطار من التفهم لمطالب وحاجات النمو وفهم الأبعاد الشخصية والنفسية داخل المدرسة .

ان مهنة التعليم تعد من المهن الشاقة والتي تستلزم جهدا جسميا وعقليا وعصبيا ومصادر الشدة أو الإجهاد كثيرة ، وهو ما يميزها عن غيرها من المهن ما يأتي:
- إن المعلم يتعامل مع مجموعة كبيرة من الأفراد بنهم فروق فردية عديدة خاصة في النواحي المعرفية والانفعالية والاجتماعية وهو مطالب أن يتعامل مع كل التلاميذ بالطريقة التي تناسب كل منهم .
- انه نتيجة لضعف دور الأسرة ،ووسائط التربية الأخرى أصبح المعلم هو الوسيلة التي ينقلها اليه المجتمع والأسرة لتعليم أبنائهم العلوم والمعارف المختلفة ، وأساليب السلوك الصحيح .
- ان المعلم يتعامل مع عقليات لم تنضج بعد ، تعلم بعضها علي نحو خاطئ أو اكتسب عادات ومهارات سيئة ، وعلي المعلم أن يصحح أخطاء الآخرين غي الأسرة عادات ومهارات سيئة.
- إن المعلم لاينتهي عمله بنهاية اليوم الدراسي ، بل انه في معظم الحالات ينشغل في إعداد دروس اليوم التالي أو تصحيح الأعمال المنزلية والواجبات التي كلف بها الطلاب .
- ان هناك فئة ليست بقليلة لديهم دافعية منخفضة للتعليم ، ولديهم عزوف شديد عن التحصيل الدراسي ، وهو ما يؤثر علي المناخ العام داخل الفصل المدرسي، كما يمثلون مصدرا للفوضى وعدم الانتظام ، وهو ما يضيف أعباء زائدة للمعلم

إن أعباء التدريس ليست فقط ما يتحملها المعلم ،وإنما يضاف إليها الجانب الإداري والإشرافي ، وعليه يتحمل مسؤولية إدارة الفصل دون أن يجنح إلي عقاب الطلاب مهما بلغت درجات سلوكياتهم ، حيث أن قوانين ولوائح المدرسة تمنع ذلك ، وعليه أن يلتزم في الوقت نفسه بمستوي معين من التحصيل للطلاب وهو محاسب علي ذلك من قبل الإشراف والتوجيه التربوي ، كذلك فأن إدارة الحي والمدرسة ومجالس الآباء كلها موجهة في آرائهم نحو مصلحة الطالب وليس في اتجاه مراعاة ظروف وأحوال وطبيعة عمل المعلم.

إن الصحة النفسية للمعلم تتحقق إذا توافرت شروط لا بديل عنها واهم تلك الشروط :
- سلامة العقيدة :وهي ما يتميز به المعلم المسلم ، ويقصد بها عقيدة التوحيد وأساسها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والإيمان بالقدر خيره وشره .
- القدوة الحسنة : وتتمثل تلك القدوة في كل أمور المعلم الظاهرة والباطنة ، وان يكون نموذجا سلوكيا يتطلع إليه طلابه .
- الرفق :وهو ما يجب أن يحكم تصرفات المعلم داخل الفصل وخارجه .
- العلم :لذا ينبغي علي المعلم إلا يكون فقط ملم بعناصر ومحتوي المنهج ، وعلي احدث ما وصل إليه العلم في مجال تخصصه حتى يكون قادرا علي توصيل المعلومة الدقيقة والحديثة في مجاله ، بما يكسب طلابه من نزوع إلي سقف المعرفة والريادة العلمية .
- الإخلاص :لا علم بدون إخلاص وليس بقصد منفعة شخصية أو دنيوية ، وهو ما يدفع المعلم المسلم إلي الإتقان وهو ذروة الإخلاص .
- ولا يقتصر دور المدرس علي تلقين المعلومات للتلاميذ ، وعليه ان يكون مربيا ومرشدا وأخصائيا في الصحة النفسية يعمل بقدر المستطاع علي معالجة مشكلات التلاميذ
- ينبغي ان يتمتع المدرس الصحيح نفسيا بعدة خصائص منها :
- التعاون مع الآخرين .
- العطف ومراعاة شعور الغير .
- المرونة والحزم مع اللين .
- الاهتمام بمشاكل التلاميذ .
- البراعة في التدريس .
- تعدد القدرات ، فهو نموذج موجه ومعلم وصديق ومثل أعلي لتلاميذه.

العلاقات السائدة في المدرسة
تقوم المدرسة بدور هام بجانب الأسرة والمجتمع في المشاركة بالدعم النفسي اللازم لتحقيق الصحة النفسية للتلاميذ ، وذلك من خلال تزويدهم بالخبرات والمهارات المختلفة للنمو النفسي والجسمي والعقلي واللغوي والانفعالي إضافة إلي تحقيق التفاعل الاجتماعي البناء داخل المدرسة .

دور المدرسة في دعم الصحة النفسية

(1) إن المدرسة يمكنها تدعيم الصحة النفسية للتلاميذ من خلال الأنشطة المدرسية كجانب حيوي مكمل للعملية التربوية ،والتي تشبع ميول التلاميذ وتلبي رغباتهم وتصقل شخصيتهم.

(2) إن النشاط المدرسي يسهم في إكساب التلاميذ قيم احترام العمل وحب النظام والتعاون وضبط الانفعالات والتروي وتحقيق الذات والشعور بالانتماء ، وجميعها تسهم في إثراء الصحة النفسية داخل المدرسة .

(3) إن المدرسة من خلال تطبيق المنهج الحر غير المقيد والذي يقوم علي التنوع والتكامل ، وكسر الحواجز التي تفصل بين المواد الدراسية ، من خلال أنواع النشاط المختلفة يقدم تنظيما وظيفيا للمعرفة مع تنمية كثير من المهارات والقدرات التي تتفق مع إمكانات وميول المتعلم .

(4) إن المناخ النفسي والبيئي والاجتماعي للمدرسة ، حتى الموقع ذاته وما يحتويه من أبنية وملاعب وفصول ، وقاعات وحدائق يشيع جوا انفعاليا لدي التلاميذ يشعرهم بالرضا والارتياح ويحقق الصحة النفسية السوية .
كما يساعد علي إقبالهم علي التعلم ، وبما يؤدي إلي المزيد من التوافق النفسي والاجتماعي .
علي النقيض من ذلك تؤدي الروح التسلطية وأساليب العقاب والفوضى إلي إشاعة روح الخوف والفشل بما يعطل من مسار العملية التعليمية ، وربما يمثل دافعا قويا إلي التأخر الدراسي وتكوين اتجاهات سلبية للتلاميذ تجاه المدرسة.
(5) إن المدرسة ينبغي أن تكون لها السبق في الدعوة إلي التقارب بينها وبين الأسرة ، وذلك عن طريق ما يعرف بمجالس الآباء ، أو بيوم الأسرة ، بهدف بحث أوجه القصور أو التميز السلوكية والتحصيلية ،وذلك لمعالجة المشكلات قبل استفحالها ودعم عناصر الموهبة في حال توفرها في الأبناء ووضعها في الاتجاه الصحيح .

أهم ما يقوم به المعلم داخل المدرسة بهدف دعم الصحة النفسية للتلاميذ:
- معرفة المعلم بخصائص نمو التلاميذ من خلال المراحل العمرية المختلفة من الطفولة إلي المراهقة .
- العمل علي توفير الأمان النفسي للتلاميذ .
- العمل علي إكساب التلاميذ القيم الإسلامية الرفيعة من خلال العامل الفعلي.
- العمل علي رصد واكتشاف الموهوبين داخل الفصل ، اكتشاف تلك النماذج والعمل علي تشجيعها وتنميتها .
- العمل علي نقل الخبرة المتحصلة من المعلم إلي التلاميذ في كيفية مواجهة المشكلات التي يمكن ان تواجههم .

ضغوط مهنة التدريس
إن نموذج الاحتراق النفسي للمعلم يشير إلي نوعين من مصادر الاحتراق النفسي ، حيث يرتبط أولهما بالمدرسة والذي يتمثل في صراع الدور وغموضه ، وعدم مشاركة المعلم في اتخاذ القرارات . وثانيهما يرتبط بالمعلم ذاته مثل توقعات المعلم نحو الدور المهني الذي يقوم به بالإضافة إلي المتغيرات الشخصية والديموجرافية الاخري الخاصة بالمعلم مثل السن والجنس وسنوات الخبرة والمؤهل الدراسي

إن مظاهر الاحتراق النفسي عند المعلم تتمثل في الاستنزاف الانفعالي ويظهر في شعور المعلم بالإنهاك أو الإرهاق الانفعالي المرتبط بممارسة مهنة التعليم ، فقدان الهوية الشخصية وقلة الانجاز الشخصي وينعزل عن زملائه .


أهم أسباب الاحتراق النفسي لدي المعلمين
1. القابلية الذاتية لبعض الضغوط للانخراط في الاحتراق النفسي
2. عدم التقدير المادي بما يسمح بالوفاء بالأعباء المعيشية.
3. إن مهنة التعليم مهنة متفردة عن غيرها من المهن في تواصلها قبل العمل وأثناء وبعد إنهاء العمل في أعباء تدريسية خاصة بتحضير الدروس والتصحيح والتقويم والرصد.
4. ضعف التقدير الأدبي عبر المستوي الاجتماعي أو من خلال وسائل الإعلام .
5. إسقاط الأكبر من تحمل مسئولية تعليم الأبناء علي كاهل المعلم نتيجة لضعف دور الأسرة في الوفاء بذلك .
6. زيادة الحمل التدريس للمعلم فوق النصاب المقرر نتيجة لضعف الموارد ، وإضافة زيادة كثافة الفصول وتكدسها بالتلاميذ
7. تناقص في دور المعلم من موجه للتعليم إلي ضابط للفصل في ظل زيادة الأعداد .

مصادر الضغوط المهنية للمعلم والآثار النفسية المترتبة عليها :
كثرة الأعمال الادراية المصاحبة لعملية التدريس .
قلة الحوافز والترقيات المهنية بما لا يعطي الفرصة للوفاء بالتزاماته الحياتية .
العلاقات الإنسانية المتدنية بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور والمشرفين التربويين .
تدني دافعية المتعلمين وغياب دور الأسرة في توجيه المتعلم .

أساليب مواجهة الضغوط بالنسبة للمعلم :
)1) اختيار العناصر الصالحة للعمل بالتدريس من الطلاب الذين يتمتعون باتزان انفعالي وقدرة علي تحمل المسئولية عن طريق المقابلات والاختبارات .
(2) تطبيق اختبارات للطلاب المرشحين وبصورة تطبيقية مثل مقاييس سمات الشخصية ، وتحمل الضغوط النفسية .
(3) الاهتمام بتحسين إعداد طلاب كلية التربية وتدريبهم علي المهارات المتضمنة في مهنة التعليم وتعويدهم علي تحمل جرعات تدريجية من الأعباء والمسئوليات .
(4) الاهتمام ببرنامج التجديد والتنشيط المستمر للمعلم اثناء الخدمة.
(5) العمل علي تحسن الظروف المعيشية للمعلم ، المادية بما يتناسب مع دوره الاجتماعي والتربوي .
(6) العمل علي تحسن صورة المعلم عبر وسائل الإعلام .

الصحة النفسية و المنهج المدرسي
ينبغي علي واضعي المناهج الدراسية أن يراعوا عدة أمور لكي يحققوا التوافق للتلاميذ والطلاب:
(1) أن يتفق وحاجات وخصائص التلاميذ حتى يحظي بالقبول والرضا عنه
(2) أن يرتبط محتوي المنهج باهتمامات التلاميذ ،ويتفق مع مطالب مرحلة النمو التي يمرون بها .
(3) أن يجيب علي تساؤلات التلاميذ المختلفة .
(4) أن يتصل بحقائق الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية للمجتمع الذي يعيش فيه التلميذ .
(5) يهدف إلي تكوين قدرات عقلية ، وخصائص انفعالية ، ودافعية ، وصفات أخلاقية وترسيخ العقيدة الدينية التي يرتضيها المجتمع لأبنائه ليحقق المنهج الشخصية السوية ليتحقق الأمن النفسي والاجتماعي لكل من الفرد والمجتمع
(6) أن يكون المنهج مرنا وذلك بان يراعي جميع مستويات التلاميذ المتفوقين عقليا والمتوسطين وبطئ التعلم .
السؤال
من هو المعلم الناجح من وجهة نظرك وما هي مقومات نجاحه كما ترينها ؟

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

fffffff

د.ريان يقول...

صباح الورد والطيبة أختي

ومدونة رائعة وبالتوفيق للجميع
دمتم بكل خير